الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

مؤسسات ضمان التمويل الأصغر



Wed, 07 سبتمبر 2011
توجد الآن حركة شديدة في كل البلدان لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وذلك بتقديم التمويل المالي والدعم اللوجستي والتوجيه الفني لتمكين هذه المؤسسات من القيام علي أرجلها لمساعدة الحركة والتنمية الاقتصادية في المجالات المتعددة. إن هذا التوجه يعتبر في نظرنا من الأمور الحميدة نظرا لأن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تمثل الغالبية العظمى في المجتمع بل وتلعب دورا فاعلا في كل المرافق الاقتصادية مما يؤثر بدور مباشر في حركة التنمية.
ومن الملاحظ ان العديد من البنوك المركزية قامت باتخاذ خطوات عديدة في هذا الاتجاه ومن ذلك توجيه البنوك التجارية بدعم تمويل هذه المؤسسات أو ما يعرف بنشاط التمويل الأصغر وتجنيب نسبة من محفظة الإقراض المصرفي لدعم التمويل الأصغر في مجالاته المختلفة والعمل على تأسيس وحدات للتمويل الأصغر لرعاية هذا القطاع والإشراف عليه حتى يسير في الاتجاه الصحيح لتحقيق السياسات المرجوة، وهذا قطعا سيعود بالفائدة العظمى على شرائح متعددة من المجتمع وفتح مجالات كثيرة للتوظيف والابداع.
وبالرغم مما تحقق من طفرات في دعم التمويل الأصغر الا ان هناك بعض المعضلات التي قد تواجه التمويل الأصغر واهم هذه المعضلات يتمثل في نظرنا في عدم وجود ضمانات كافية يتم تقديمها للبنك للجوء إليها عند فشل الزبون في السداد لأي سبب من الأسباب.
ونقول انها معضلة لأن معظم الشرائح التي تطلب التمويل الأصغر لا تملك ضمانات مادية أو عينية او عقارية او غيره لتقديمها للبنك، وهذا الوضع يعتبر على النقيض اذا تمت المقارنة مع ما يحدث بالنسبة لتمويل الفئات الأخرى التي لا يبدأ صرف اموال القروض او التمويل لها إلا بعد استلام البنك لكل الضمانات الكافية والتي يجب أن تفوق قيمتها مبلغ القرض أو التمويل والتي تمثل ضمانا أو ضمانات يجوز للبنك ان يتصرف فيها وفق ما يراه مناسبا لاستعادة حقوقه وحقوق المساهمين وودائع المودعين.
ان البنوك التي تقدم التمويل الأصغر قد تفشل في استرداد مبالغ التمويل وهذا أمر بعيد الحدوث، لأن كل التجارب العالمية قد تبين منها ان شرائح التمويل الأصغر ملتزمة تماما بالسداد وصادقة في التعامل وامينة في الفعل والقول، ولكن بالرغم من هذا فان التعثر في السداد قد يحدث.
واذا حدث التعثر ولأي سبب من الأسباب فماذا تفعل البنوك التي قد تتعرض لصعوبات مالية أو قد تنهار إذا لم يتم استرداد القروض وفق الجداول الزمنية المبرمجة؟
إن الوضع الأمثل في نظرنا، وهو ما عليه العمل في معظم دول العالم، يتمثل في تأسيس مؤسسة عامة أو صندوق لضمان التمويل الأصغر بل إن هناك بعض البلدان فيها وزارات خاصة تسمى "وزارة دعم وضمان تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة"، وهذه المؤسسات العامة أو الصناديق أو الوكالات أو الوزارات والمنشأة خصيصا لدعم المؤسسات الصغيرة أو المتوسطة لديها ميزانيات وأموال خاصة لضمان التمويل الأصغر وعند فشل العميل في السداد يلجأ البنك لها كمنقذ أخير لسداد مبلغ التمويل أو ما تبقى منه من اقساط وبهذا تقدم الدولة الضمان الكافي للتمويل الأصغر ولا تتعرض بنوك التمويل الأصغر للإفلاس أوالانهيار وتباشر مهامها التمويلية بكل اطمئنان ومهنية مصرفية سليمة.
و إذا رجعنا مثلا لأمريكا أو أوروبا أو آسيا، نجد أن هذه الدول جميعها قامت بانتهاج سياسة دعم التمويل الأصغر لقناعتهم التامة بأهميتها في تنمية الاقتصاد والحركة التجارية وعليه قامت هذه الدول أيضا، في نفس الوقت، بإنشاء المؤسسات العامة أو الوكالات الحكومية أو الوزارات الخاصة لضمان التمويل الأصغر من مال الدولة ومال دافع الضرائب ولم تترك البنوك التجارية وحدها في مهب الريح. ولهذا نقول عاليا أنه من المستحسن بل لا بد من إنشاء مؤسسات ضمان التمويل الأصغر وهذا ليس صعب المنال على الدول التي تؤمن بأهمية الدور الحيوي الذي تقوم به المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في رفد التنمية الاجتماعية
 
د. عبد القادر ورسمه غالب -  

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More